الرقمنة والذكاء الاصطناعي وتعقب البشر

الرقمنة والذكاء الاصطناعي وتعقب البشر.. 7 مظاهر تقنية سرع كورونا بوصولها – الجزيرة.نت

يتكيف الملايين من الناس على مستوى العالم مع “الوضع الطبيعي الجديد” منذ أن بدأ تفشي فيروس كورونا من الصين بداية العام الحالي، ولكن ما تأثير هذه الطفرة في تسريع التحول الرقمي والأتمتة؟ وكيف ستشكل مستقبلنا؟

فلقد بدأنا التعود على العمل عن بعد، كما اعتاد العاملون في المجال الطبي على العمل إلى جانب أساطيل جديدة من الروبوتات، وبدأ الكثيرون بمتابعة الأفلام والمسلسلات على منصات مختلفة.

التاريخ يعيد نفسه
يوضح لنا التاريخ كيف يمكن أن تؤدي الآثار الاجتماعية والاقتصادية للوباء إلى ابتكارات وتغيرات واسعة النطاق في البنى التحتية.

فبعد أن دمر الموت الأسود العالم وخفض عدد سكان أوروبا بنسبة 30% خلال القرن الـ14، أدى النقص الكبير في القوى العاملة إلى الابتكارات التكنولوجية والمجتمعية التي حفزت ما أصبح يعرف باسم عصر النهضة.

وفي الوقت نفسه، أدى وباء الكوليرا في القرن الـ19 إلى بناء أنظمة صرف صحي متقدمة جديدة وكتابة قوانين تقسيم المناطق لمنع الاكتظاظ.

ويظهر هذا التأثير أيضا مع دول مثل سنغافورة وتايوان وفيتنام، حيث أدى تفشي سارس عام 2003 إلى تغييرات في البنية التحتية والبروتوكولات، مما جعل هذه البلدان تنجح نسبيا حتى الآن في احتواء فيروس كورونا الجديد، فتايوان وسنغافورة لم تسجلا أي حالة وفاة بسبب فيروس كورونا حتى وقت كتابة هذا التقرير.

تقود هذه التغييرات التاريخية الخبراء لتسليط الضوء على القطاعات الرئيسية التي ستتأثر بشكل مباشر حتى بعد انقضاء الجائحة.

وفيما يلي سبعة مجالات ستصبح على الأرجح “الوضع الطبيعي الجديد” لسنوات قادمة:

  1. الآلة تأخذ مكان الإنسان
    يقول بيتر شينغ، المدير المساعد في مبادرات التكنولوجيا والنمو في شركة كي بي أم جي (KPMG) للاستشارات، أن تفشي فيروس كورونا يعتبر “فرصة للأتمتة في آخر ميل”.

وهذا يعني أنه إذا كانت المطاعم اليوم، كمثال، تعمل على أتمتة أجزاء من عملية التسليم، فإن الوضع الحالي سيؤدي إلى قيام المزيد من الشركات بتوسيع حدود الأتمتة في الخدمة التي تقدمها.

في الصين، على سبيل المثال، ارتفع بالفعل استخدام الطائرات المسيرة منذ بدء التفشي وهو ما يعني دخول تكنولوجيا جديدة في عمليات التوصيل.

وستضطر الشركات التي كانت على وشك تجربة طرق آلية لأجزاء من سلسلة أو خدمات التوصيل الخاصة بها إلى اتخاذ هذه الخطوة من أجل البقاء. وإذا استثمروا في هذه التكنولوجيا وظهر أنها تعمل بنجاح، فمن المحتمل ألا يروا حاجة لإعادة توظيف البشر لملء تلك الأدوار بعد السيطرة على الجائحة.

‪الروبوتات تساعد الفرق الطبية بتنفيذ أعمالها عن بعد وبأمان لم يكن ممكنا من قبل (غيتي)

  1. الذكاء الاصطناعي والروبوتات والبيانات الضخمة
    توفر اللحظات الصعبة في التاريخ فرصا للابتكارات الغريبة للظهور. وبشكل عام، تلعب تحليلات البيانات والذكاء الاصطناعي والروبوتات دورا رئيسيا في محاربة فيروس كورونا.

فتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي يعملان لاكتشاف الأدوية، ويساعدان في تقييم انتشار الفيروس، أما الروبوتات فتساعد الفرق الطبية بتنفيذ أعمالها عن بعد وبأمان لم يكن ممكنا من قبل.

هناك أمثلة لا حصر لها على الطريقة التي حولت بها هذه التقنيات رد الفعل العالمي تجاه الوباء، منها أن الطلب على الروبوتات التي تختبر المرضى بواسطة الأشعة فوق البنفسجية قد ارتفع بشكل كبير منذ بدء تفشي المرض، كما يستخدم الأطباء الذكاء الاصطناعي لفحص مرضى الفيروس، وتنشر شركات مثل ديب ميند (Deepmind) توقعات تلقائية لكيفية تطور وانتشار المرض.

كل هذا أدى إلى انعكاس واسع النطاق للدور الذي يمكن أن تلعبه هذه التكنولوجيا في مستقبل المدن في المستقبل.

  1. رقمنة العمل والترفيه
    نحن حاليا في خضم ما يمكن اعتباره أكبر تجربة عمل عن بعد في التاريخ باستخدام أدوات العمل عن بُعد مثل زوم وسلاك، التي تشهد زيادة غير مسبوقة في الطلب.

سوف تستمر أدوات العمل عن بعد في النمو. وقد أدت جائحة كورونا بالفعل إلى أعداد تاريخية من مطالبات إعانات البطالة في دول من بينها الولايات المتحدة وإسبانيا.

من المرجح أن يعيد الكثير من هذه القوة العاملة النظر في وظائفهم المستقبلية ويبحثون عن وظائف أكثر أمانا ضد الأزمات المستقبلية، أعمال مستقرة نسبيا في مواجهة الأتمتة السريعة للمدينة، بما في ذلك الوظائف التي يمكن القيام بها بسهولة من المنزل.

ثم هناك الطريقة التي نمارس بها الترفيه والفن، وتأثيرها على هذه القطاعات. فقد وضعت إستوديوهات الأفلام الكبيرة مثل ديزني ويونيفيرسال العديد من إصداراتها الكبيرة على الإنترنت. ويستخدم الكثير من الأشخاص خدمات البث كنتفلكس التي تعتبر لاعبا أساسيا حتى قبل ظهور الجائحة.

وتشير الفايننشال تايمز إلى أن العديد من دور السينما ستشهد إغلاقا دائما بسبب فيروس كورونا. بشكل عام، فإن أي قطاع كان يعاني ولو بشكل بسيط في مواجهة الابتكار وأتمتة المدينة من المرجح أن يتضرر بشدة من جائحة كورونا.

ورغم أن الأشخاص الذين يحرقون أبراج الهواتف المحمولة وشبكات الجيل الخامس نتيجة نظريات المؤامرة التي تربطها بتفشي الفيروس إلى أن هذا لن يمنع من انتشار تكنولوجيا الجيل الخامس.

‪نتفلكس التي تعتبر لاعبا أساسيا حتى قبل ظهور الجائحة قد تكون هي مستقبل الترفيه بعد اختفاء الفيروس (غيتي)

  1. إعادة تصميم المدن لمجابهة الأوبئة مستقبلا
    أدى تفشي الكوليرا في القرن التاسع عشر إلى بناء أنظمة تصريف صحي جديدة على مستوى العالم. هذا مجرد مثال واحد على الطريقة التي أثرت بها الأوبئة تاريخيا على التصميم الحضري للمدن.

ستكون أتمتة المدينة للتعامل والتكيف مستقبلا مع هذه الأزمات في قلب الابتكارات المستقبلية في أعقاب انتهاء جائحة كورونا.

فعي سبيل المثال تحول مطار شانغي في سنغافورة مؤخرا إلى الفحص دون تلامس للمواطنين العائدين لتقليل أوقات الانتظار وتجمع الركاب.

وربما يجري بناء تقنية الفحص لتفشي المرض في الأماكن العامة، في حين يمكن أيضا تنفيذ حلول التهوية الرخيصة وتكنولوجيا الأشعة فوق البنفسجية لمكافحة آثار الأمراض.

  1. البنية التحتية لوسائل النقل العام
    يقول لوك إيرونغ، مدير الهندسة المستدامة في شركة سوم (SOM) إن الهواء على متن الطائرات يصفى جيدا لمنع التداول السهل للفيروسات. ومع ذلك “يمكننا نقل هذه التقنية لنظام النقل العام لدينا”. وبذلك قد يصبح الهواء النظيف والمصفى جيدا أكثر أولوية في مستقبل وسائل النقل العام بعد جائحة فيروس كورونا.

قد يكون النقل العام، وهو قطاع آخر يشغل تلقائيا، جزءا من التركيز على أتمتة المدينة على نطاق واسع.

‪ ستظهر أعمال أخرى إلى جانب الآلات بعد انتهاء جائحة كورونا(رويترز)

  1. اختفاء وظائف وظهور أخرى
    في عام 2016، تنبأ تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بفقدان 7.1 ملايين وظيفة بين عامي 2015 و 2020. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى “الذكاء الاصطناعي والروبوتات وتكنولوجيا النانو وعوامل اجتماعية واقتصادية أخرى ستحل محل حاجة العاملين من البشر”.

7.أجهزة تعقب تحت الجلد
كتب يوفال نوح هراري، مؤلف كتاب سابينس “Sapiens” وهومو ديوس “Homo Deus” في مقال لفايننشال تايمز “العديد من إجراءات الطوارئ القصيرة المدى ستصبح عنصرا أساسيا في الحياة. هذا هو طبيعة حالات الطوارئ. إنها تسرع التغيرات التاريخية “.

ويدعي هراري أن تفشي جائحة كورونا يمكنه إضفاء الشرعية على تدابير المراقبة المؤقتة، مما سيؤدي إلى مراقبة غير مسبوقة للسكان حتى بعد انتهاء الجائحة بحجة منع الأوبئة في المستقبل.

كما يكتب هراري “اليوم، ولأول مرة في تاريخ البشرية، تتيح التكنولوجيا مراقبة الجميع طوال الوقت”. بدأت الصين بالفعل مراقبة الهواتف الذكية باستخدام كاميرات التعرف على الوجه، وإجبار الناس على الإبلاغ عن درجة حرارة أجسامهم وحالتهم الطبية، وتتبعت حالات فردية واسعة النطاق عبر البيانات الضخمة.

ويتنبأ العديد من الخبراء أن تبقى تكنولوجيا المراقبة وتتوسع مستقبلا حتى بعد اختفاء فيروس كورونا.


شاهد أيضا
تعليقات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.