استبشرنا خيرا بحكومة الكفاءات، واستبشرنا بمشروع المغرب الرقمي. كنا نعتبر أن التحول الرقمي، سيشكل رافعة للمشاريع التنموية التي تشهدها بلادنا. اعتقدنا أن حكومة السيد أخنوش، ستجعل من التحول الرقمي، قيمة مضافة لتعزيز مكانة المملكة المغربية، بين الدول المتقدمة، والناجحة في الاستفادة من خيرات الرقمنة.
تتبعنا في 25 شتنبر الماضي، إعلان حكومة السيد أخنوش عن استراتيجية المغرب الرقمي 2030. واستبشرنا خيرا بالأهداف المعلنة المحددة في “جعل المغرب قطبا رقميا لتسريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمملكة”. صفقنا لمحاور هذه الاستراتيجية الرقمية التي تتحدد في”رقمنة الخدمات العمومية”و”بث دينامية قوية في الاقتصاد الرقمي”. كما جاء بالحرف في استراتيجية المغرب الرقمي 2030 التي لخصت محفزات الاستراتيجية في ثلاثة أهداف: المواهب الرقمية والخدمات السحابية والاتصالات. أما الرافعات العرضانية فتتجسد في عنصرين هما الذكاء الاصطناعي والاستخدام الرقمي الشامل.
لكن مفاجأتنا كانت كبيرة حين أخبرتنا منابر إعلامية أن المديرية العامة للتحول الرقمي، تعاني من التشرد والهشاشة، وأنها لا تتوفر على سكن قار. تخبرنا هذه المنابر الإعلامية أن إدارة التحول الرقمي، في حكومة الكفاءات، تعيش كما يعيش من لا يملك سكنا قارا أو ما يصطلح عليه (SDF : Sans Domicile Fixe)، فما هي القصة؟
تناقلت العديد من المنابر الإعلامية، أن السيدة غيثة مزور وزيرة الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، قامت منذ سنتين بكراء بناية بمدينة الرباط، لتكون مقرا للمديرية العامة للتحول الرقمي. والمقابل هو سومة كرائية تبلغ 70 مليون سنتم شهريا. وهو مقر ضروري لتباشر المديرية مخطط المغرب الرقمي.
لمدة تزيد عن سنة ونصف، ظلت الوزارة تؤدي ثمن الكراء، دون استغلال البناية، والمديرية التي تقع على مسؤوليتها تحريك قطار التحول الرقمي، تعيش في العراء، تحت المطر ووسط الغبار. فهل نتحدث عن رقمنة البلاد أم رقمنة الغبار؟
العمارة التي اكترتها وزارة التحول الرقمي، مثقلة بالقروض وبالرهون البنكية، وصاحبها يواجه في القضاء، تُهم النصب والاحتيال، كما تشير تلك المنابر الإعلامية. هذه الأخيرة تقول إنها تتوفر على وثيقة بروتوكول بين مالك العمارة ومؤسسة بنكية، تفيد أن البناية ممنوع تفويتها أو كراؤها أو رهنها، حسب شهادة الملكية، لأنها مثقلة بالديون تبلغ مجموعها 46 مليون درهم.
أدت وزارة التحول الرقمي 70 مليون سنتيم لأكثر من سنة ونصف، وهو ما يعني أنها بذرت أكثر من مليار و260 مليون. وهي مبالغ كافية لشراء أو بناء مقر للمديرية العامة للتحول الرقمي حسب ما أفادت به منابر إعلامية. واليوم تخصص وزارة التحول الرقمي مبلغ مليار و475 مليون سنتم لأشغال تهيئة ملحقة الوزارة، في طريق بحثها عن سكن لاستراتيجية المغرب الرقمي 2030. فكيف لمديرية لا تملك مقرا، أن تحرك قطار الرقمنة الذي تعول عليه بلادنا، للحاق بركب الدول التي سبقتنا في هذا المجال.
الوزارة التي ننتظر مشاريعها الرقمية، وقيادتها لقطار التحول الرقمي في بلادنا، لم تستطع حتى توفير بناية تتوفر على مكاتب للقائمين على مشروع التحول الرقمي. فعن أي مغرب رقمي نتحدث؟
ختاما نقول، في الوقت الذي تستفيد الكثير من الدول، من الفرص التنموية التي تتيحها الرقمنة، ما زالت وزارة التحول الرقمي، تبحث عن ملجأ يحمي مشروع رقمنة البلاد من البرد القارس والغبار المتناثر. هكذا نفهم كيف ببلد إفريقي اسمه رواندا، يفوقنا بكثير في تقدمه نحو الرقمنة.
فهل ستخلف بلادنا مرة أخرى، موعدها مع التاريخ، لتحقيق الطفرة التنموية التي تتيحها قرصة التحول الرقمي؟ وهل يحدث هذا في ظل حكومة تقول عن نفسها حكومة الكفاءات؟