الطابع البريدي الرقمي الفرنسي يتجهز:
أوردت مجلة لومونود الفرنسية(lemonde) في عددها الصادر صباح يومه الثلاثاء 2022/06/28، أن إدارة مؤسسة البريد الفرنسية أعلنت في بلاغ لها اليوم أنها تعتزم انطلاقا من بداية سنة 2023، إطلاق خدمة “الطابع البريدي المرقمن”، وسيكون متاحا ساعتها للمقيمين على التراب الفرنسي إرسال رسائلهم أو بطاقاتهم البريدية الورقية الموجهة داخل فرنسا، باستعمال طابع بريدي غير ورقي هذه المرة، منجز على دعامة إلكترونية يحمل رمزا من ثمانية أرقام يتم اقتناؤه وتحميله بواسطة الهواتف الذكية من برمجية معلوماتية خاصة ويطبع ورقيا ويوضع على تلك الرسائل والبطاقات.
البريد المغربي قبل قرن ونيف:
إن هذا الخبر، يجرنا جرا لقراءة التحولات الجارية على النظام البريدي في العالم، كما يدعونا لاسترجاع التجربة البريدية المغربية كيف كان البدء وكيف أصبح الأمر عليه اليوم؟؟.
تؤكد الأدبيات التاريخية أن أول مصلحة لبريد المغرب تأسست تحت اسم «البريد المخزني» على يد السلطان المولى الحسن الأول بموجب ظهير 22 نونبر 1892، وكان أول إصدار لطابع بريدي مغربي قبل قرن وعشرة أعوام، في 22 ماي 1912 في عهد السلطان مولاي عبد الحفيظ.
ومنذ ذلك العهد تطور النظام البريدي المغربي، مؤسساتيا وتشريعيا وتنظيميا، حتى استوى على سوقه كما هو اليوم، ويسهم نوعيا في السياق الحاضر في جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتجويد الخدمة العمومية.
التحولات الجارية على خدمات البريد التقليدية:
إن هذا الإصلاح الفرنسي الذي يروم في الواقع تطوير نجاعة الخدمات العمومية على الخط، يندرج في سياق ما يشهده العالم، وبلدنا ليس بمنأى عن ذلك، من تراجع ملحوظ لخدمات البريد التقليدية، ومن ضمنها خدمات الإرسال للرسائل والطرود والبطاقات البريدية المهيأة على دعامة ورقية، حيث يتحمل المرسل عبء التنقل للمراكز البريدية للحصول على الطوابع البريدية وإلصاقها على تلك المراسلات.
وفي المقابل، وبفِعْلِ نشأة ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصال وظهور الشبكة العنكبوتية، هيمن منذ عقود نظام جديد للتراسل بين الأفراد والمؤسسات هو نظام التراسل الإلكتروني، ومما شجع على ذلك مجَّانيته وكثرة محركات البحث التي وفرته، فضلا عن فاعليته وسرعته، مما يعرِّضُ اليوم وغدا الخدمات البريدية التقليدية لحتمية الأفول والزوال، ويطرح على بلادنا سؤال التحول الرقمي مع هذا التحول.
تجربة تُحتذى:
إن رقمنة الطابع البريدي الفرنسي تستدعي ملاحظتين:
- الأولى: أن بلادنا مدعوة أن تستفيد من هذه التجربة، لكون ذلك سيعزز جودة الخدمات العمومية الوطنية على الخط، والخدمةُ البريدية الحضورية رغم التراجع العددي لزبنائها ما تزال قائمة، لكن يحد من الإقبال عليها اضطرار المرتفقين للتنقل لمكاتب البريد والانتظار طويلا في الطوابير الممتدة من أجل اقتناء طابع بريدي أو أداء رسوم إرسالية؛
- الثانية: أن هذا المنجز البريدي الفرنسي، هو منجز فعلا، رغم كلفته ورغم محدوديته وضعف ديمومته الاستراتيجية، وهو ينتصر لمنطق الاشتغال بما يفيد البلاد والعباد في الحال قبل المآل، كما يفيد ألا نتَّكِل على مقولة ”الزمن جزء من العلاج”، لأن هذا في منهج الإصلاح لا يستقيم.
وإلى أن تأذن الإرادات والسياسات والتحولات برقمنة شاملة للطابع البريدي، فعلى هواة الطوابع البريدية الورقية أن يستعدوا..