لماذا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نموذج رقمي مشرف؟

يخوض المغرب، كسائر بلدان العالم استحقاقات التحول الرقمي بتحدياته ورهاناته، وتتفاوت حصيلة الأداء الرقمي للقطاع العام في بلادنا من مؤسسة إلى أخرى، لكن اللافت أن بعض المؤسسات العمومية استطاعت لعب دور القاطرة الرقمية للمغرب بإرساء نماذج متقدمة تعكسها المعطيات والمؤشرات، ومن هذه المؤسسات بريد المغرب، والوكالة الوطنية للتحفيظ العقاري والمسح العقاري والخرائطية، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وللإشارة فالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي قد راكم تجربة 60 سنة من تدبير التغطية الاجتماعية للمنخرطين غير موظفي القطاع العام، عبر أداء التعويضات العائلية والتعويضات الطويلة والقصيرة الأمد.

وقد نجح الصندوق في حسن تدبير المهام الموكولة له والاستجابة لانتظارات منخرطيه الذين لا يستهان بعددهم، وقد زاد حجم التحديات التي يواجهها الصندوق اعتبارا للاستحقاقات التي رتبها ورش الحماية الاجتماعية عليه الذي انطلق قبل سنتين، حيث ينتظر بلوغ عتبة 22 مليون مستفيد من هذا النظام.

وللجواب عن السؤال: لماذا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نموذج رقمي مشرف؟ فإنه كذلك لحسن استثماره في التكنولوجيا الرقمية، ويمكن إبراز أهم النجاحات الرقمية للصندوق من خلال العنوانين الآتيين:

1- رقمنة خدمات الصندوق:

وهو منجز لا تخطئه العين، حيث يمكن الانخراط في الصندوق وتقديم التصاريح عبر المنصة الرقمية التي أحدثها والحصول على التعويضات العائلية وتتبع مسار ملفات المرض وغيرها من الخدمات، وينتظر في قابل الأيام توسيع سلة الخدمات الرقمية للصندوق إلى خدمات التقاعد ومعاش العجز والتعويض اليومي عن المرض.

ومن أوجه الحكامة الجيدة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، اكتفاؤه ب300 توظيف بدل 1800 التي تقتضيها حاجاته التدبيرية، والسبب راجع لنجاحه في رقمنة نظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بنسبة بلغت 80%، وقد رفع الصندوق تحدي معالجة ما بين 70.000 و90.000 ملف يوميا استقبالا، في مقابل 30.000 ملف حاليا، والسبب راجع أساسا إلى التطور العددي الدال للمنخرطين الذي يقبل عليه الصندوق والذي سيبلغ هذه السنة أكثر من مليوني منخرط من العمال غير الأجراء.

2- النظام المعلوماتي للصندوق:

من العوامل الحاسمة التي تفسر لماذا الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي نموذج رقمي مشرف؟، هو نجاحه في رهان الرقمنة عبر نظامه المعلوماتي المحكم، والذي ازداد إحكاما بفعل المسؤوليات المتزايدة للصندوق بسبب التوسع الطفري لقاعدته البشرية، حيث يرتقب انتقال عدد منخرطيه من 7 ملايين إلى 29 مليونا نهاية السنة الجارية.

ومن الوظائف التي يقوم بها النظام المعلوماتي للصندوق هو معالجة الملفات الطبية التي يتلقاها من منخرطيه عبر شبابيكه التي ستبلغ 200 في القادم من الأيام، ولكن أساسا بوضع هذا النظام رهن إشارة وكالات القرب للتجميع التي سيرتفع عددها إلى 15.000 وحدة على المستوى الوطني والتي تقوم بالمسك المعلوماتي لتلك الملفات في عين المكان، وهو نجاح مزدوج يتمثل أولا في تقريب الخدمة من المنخرطين دون تكليفهم عناء التنقل من مقرات سكناهم إلى وكالات الصندوق، وثانيا بالمعالجة السريعة للملفات.

ويتراوح العدد الإجمالي لملفات المرض التي تعالج يوميا عبر النظام المعلوماتي للصندوق بين 25.000 و30.000، من بينها 12.000 إلى 13.000 ملفا تُحصَّلُ عبر وكالات القرب، وهذا أسهم في تقليص معدل أجل التعويض حيث يبلغ اليوم 9 أيام فقط.[1]

خاتمة

إنها واحدة من أمثلة النجاحات الرقمية لبلادنا، لمؤسسة كبيرة تنهض بمهمة الحماية الاجتماعية لفئة كبيرة من المواطنين والمواطنات، وقد نجحت إلى حد كبير في الوفاء بثقة المُشَرِّع الذي لا ينفك عن توسيع رزنامة اختصاصاتها ومجالات تدخلاتها.

فهل ستستفيد باقي مؤسسات القطاع العام، من مؤسسات عمومية أخرى وقبلها إدارات الدولة والجماعات الترابية، من التجربة الرقمية المشرفة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟ ذلك ما نرجوه ونُؤَمِّلُهُ.


شاهد أيضا
تعليقات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.