الشرائح الالكترونية… طفرة تكنولوجية للقضاء على الزهايمر وتأهيل الذاكرة البشرية

انسجاما وتماشيا مع ما يشهده العالم من تطورات متسارعة بمحور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في علاقتها بمجال الصحة، طفا نقاش علمي متقدم انبثقت عنه فكرة الشرائح الإلكترونية المثبتة تحت جلد الإنسان كأداة يرجى منها دعم القدرات البشرية في تأهيل وتحسين الذاكرة والقضاء على الأمراض العصبية خصوصا الشائعة منها كالزهايمر، حيث تعتبر هذه الفكرة بما تحمله من تكنولوجيا متطورة، خطوة نحو “الإنسان المعزز” ضمن فرضية “الحقيقة المختلطة MR”، تروم خلق نمط جديد محكوم بالتناغم بين القدرات البيولوجية والتكنولوجية رغم حجم التحديات الطبية التي تحول دون التفاؤل بنجاح هاته الطفرة التكنولوجية العظيمة في تاريخ الانسانية نظرا لكونها في حاجة الى معالجة أكثر دقة ومسؤولية.

فالشرائح الإلكترونية تعتمد على تكنولوجيا متقدمة ومتطورة تشمل نظام المعالجة الدقيقة، ذاكرة تخزين علاوة على أجهزة الاستشعار الصغيرة المتصلة بالخلايا العصبية عبر واجهات عصبية إلكترونية “NI”، بحيث تعمل على قراءة الإشارات العصبية الصادرة عن الدماغ وتحليلها لتخزينها بغرض إعادة استخدامها عند الحاجة، كما أن هاته الشرائح تمكن من تحقيق العملية الاتصالية مع الأجهزة الذكية عبر التقنيات السائدة مثل البلوتوث أو اي نظام شبكي آخر حسب منسوب التغطية مما يضمن نقل البيانات وتحليلها بشكل آني وفعال، فتفعيل هذه الخطوة المتطورة لتصبح عملية يقتصر على استخدام تقنيات التحفيز الكهربائي أو الكهروكيميائي بغية تنشيط الخلايا العصبية المرتبطة بذاكرة الانسان المثبتة عليه، كما ستعمل كخزان دائم للمعلومات التي سيتم حفظها وفق المقاربة التقنية السليمة وهو ما سيسمح باسترجاع جميع ذكريات الانسان بسهولة حتى في حالة تلف بعض مناطق الدماغ، وفي نفس المسار لا يمكن إعمال هاته الصيغة دون الاعتماد على أحد الدعائم والركائز الأساسية لبناء الفكرة، فالذكاء الاصطناعي بأدواته المستحدثة والمصممة، سيحسن قدرة الشريحة على معالجة البيانات المضمنة مع مرور الوقت وتقادم مساحة التثبيت التقني والطبي.

وبالحديث عن الجانب / الشق الطبي، تجدر الاشارة الى ان نجاح عملية تثبيت الشريحة الالكترونية قد يلعب دورا كبيرا وغير مسبوق في علاج مرض الزهايمر الذي يتوقع الأطباء أن تصل نسبة المصابين به عالميا الى 140 مليون مصاب بحلول 2025،  ينطلق مسار العلاج من خلال سد الفجوات في الشبكات العصبية الناتجة عن تدهور خلايا الدماغ، مما يحسن وظائف الذاكرة ويبطئ انتشار وتطور المرض، كما تتيح الشريحة الالكترونية مراقبة النشاط العصبي عبر استكشاف الأعطاب المبكرة لاستباق الخطوات العلاجية اللازمة، ومع ذلك، يرى العديد من الخبراء في قطاع الصحة (العالمية) العصبية أن احتمال رفض وعدم تفاعل الجسم البشري مع الشريحة وارد بنسبة كبيرة ومتفاوتة، وهو ما قد يطرح استحالة تحقيق توافق سليم بين الشريحة  الإلكترونية المثبتة من جهة وبين الخلايا العصبية من جهة أخرى، ينضاف لكل ما سبق مسألة غياب دراسات تجيب عن مختلف التحديات التي قد تحبط عملية الزرع والتثبيت وكذا التحصيل على نتائج إيجابية  باستثناء مبادرة شركة نيورالينك (صانعة الشرائح الالكترونية) لمالكها ايلون ماسك الذي أكد في وقت سابق خضوع كائن بشري لعملية زراعة شريحة دماغية وصفها بالناجحة مضيفا وفق تعبيره “إنه يتعافى بشكل جيد”، ولكن منذ ذلك الحين لم تصدر اية أنباء او معطيات تؤكد صحة ما ورد من عدمه، فبعد مبادرة نيورالينك، أرخى النقاش بظله على التحديات التقنية  التي قد تواجهها الشرائح الالكترونية والمتمثلة أساسا في تهديدات ومخاطر الأمن السيبراني في علاقته بمسار تخزين البيانات والذكريات الشخصية التي قد تكون عرضة للاختراق، من جهة أخرى وحسب بعض الآراء، فإن تثبيت وزرع الشرائح الالكترونية قد يشكل موضوع جدل أخلاقي يندرج في صلب التدخل في الطبيعة البشرية ويتعارض مع مقومات بناء الكيان الآدمي (تعليقات وآراء)، شخصيا أرى أن الاشكالية العويصة تتجلى في كون عملية التثبيت تنطوي على مخاطر جراحية قد تخلف ضررا أو تلفا للأنسجة الدماغية في غياب اية باراديغمات تمريضية قد ينتج عنها عودة الحالة لما كانت عليه في السابق (الوضعية الطبيعية)…

إن نجاح أية عملية لزرع او تثبيت الشرائح الالكترونية،  يعتمد  بالدرجة الاولى على تحسين التقنية مرورا عبر ضمان سلامتها وصولا الى نجاة الانسان من أية مخاطر محتملة، علاوة على تحقيق توافق سلس لجميع المسارات المعتمدة ومواكبتها للمعايير الأخلاقية والطبية الجاري بها العمل أمميا، إذا استوعب الفرقاء المتدخلون في الحقلين التكنولوجي والصحي، جسامة المسؤولية الملقاة على عاتقهم ونجحو في تجاوز جميع العقبات البحثية يمكن أن تقودنا فكرة الشرائح الالكترونية مستقبلا نحو ثورة غير مسبوقة في مجال الطب العصبي وتقنيات تعزيز القدرات والطاقات البشرية.


شاهد أيضا
تعليقات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.