تجذب كلمتا “COVID19” و “التحول الرقمي للأعمال” اهتمام العملاء في الوقت الحالي كما يجذب المغناطيس المعادن. قد يخبرك العديد من الأشخاص بالوصفة السحرية لإنقاذ أعمالك في وقت الأزمة الاقتصادية التي خلفتها أزمة COVID19 وما بعدها، ألا وهي التحول الرقمي. قد تثير تلك الكلمات البراقة اهتمامك، لكن دعونا نسأل بعض الأسئلة المهمة أولًا:
ما هو التحول الرقمي؟
بدون أي مصطلحات معقدة، “التحول الرقمي” هو دمج التكنولوجيا الرقمية في جميع مجالات العمل، مما يغير بشكل أساسي كيفية إدارة منظومة شركتك الداخلية وطريقة تقديم خدماتك للعملاء. إنه أيضًا تغيير ثقافي يتطلب من المؤسسات والشركات أيا كان حجمها أن تستمر في تحدي الوضع الراهن، مع التجربة، وتقبل الفشل – نعم الفشل وهو عنصر شائع جدًا للتحول الرقمي داخل عملك، ومن هنا أستحضر المقولة التاريخية لونستون تشرشل “النجاح ليس نهاية الطريق والفشل قد لا يميتنا، لكنها الشجاعة فقط التي تجعلنا نكمل الطريق دائما في أي ظرف كان.” وهذا بالضبط ما يحدث أثناء عملية التحويل الرقمي الخاصة بك، حيث تواصل المحاولة وتحسين النتائج حتى تصل إلى أفضل نموذج يناسب عملك، لذلك لا توجد وصفة ثابتة للتحول الرقمي.
يعتبر التحول الرقمي أمرا حتميا لجميع المؤسسات الصغيرة منها والكبيرة، ويؤكد على أهمية ذلك جميع المقالات والمناقشات التي تناولت أهمية التحول الرقمي.
لكن يبقي معنى التحول الرقمي أمراً غير واضح. هل تعني الانتقال إلى الحوسبة السحابية؟ هل هناك خطوات يجب اتباعها؟ هل يجب أن نقوم بخلق وظائف جديدة لتساعدنا على تحديد إطار التحول الرقمي أم يجب علينا أن نقوم باستشارة مستشار؟ أي أجزاء من خطة العمل علينا تغييرها؟ هل سيؤثر ذلك على عائدي الاستثماري؟
كل تلك التساؤلات تأخذنا إلى السؤال الأهم:
لماذا يعتبر التحول الرقمي مهمًا؟
قد تكون هناك عدة أسباب ولكن الإجابة الأكثر بساطة وأهمية هي” البقاء والاستمرار” – بقاء الأعمال!
قد يجادلك فلاسفة الحياة ورواد الأعمال كافة حول أشياء كثيرة لكنهم دائمًا سيجتمعون على أن التغيير هو الأمر الوحيد الثابت في الحياة. لو لم تقتصر أعمال شركة كوداك على إنتاج أفلام التصوير ولو لم تتبنى شركة نوكيا التحول الرقمي، ربما قد استمرا في التربع على القمة واستمرا في المقدمة، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك الشركات كانت من رواد مجالاتهم في تلك الفترة.
لا تمر الشركات بعمليات التحول الرقمي عن طريق الاختيار لأنها قد تكون مكلفة ومحفوفة بالمخاطر، لكن الشركات تمر بعملية تحول عندما تفشل في التطور.
سيعمل التحول الرقمي على تحويل أعمالك لتتمكن من خدمة عملائك من خلال تجربة عملاء محسنة بالإضافة إلى خدمة عملائك الداخليين – موظفيك – من خلال انتقالهم من النقطة أ إلى النقطة ب بسهولة عندما يتعلق الأمر بكفاءتهم وفعاليتهم.
سيفتح التحول الرقمي آفاقًا جديدة لأعمالك لاستكشاف نطاق الحوسبة السحابية (Cloud Computing) ، ومفهوم البيانات الضخمة (BIG Data Concept) والتقنيات القائمة على الذكاء الاصطناعي(AI) وإنترنت الأشياء – (Internet of Things) . سيؤدي استخدام كل هذه العناصر بالتأكيد إلى مزيد من الرؤى والمعلومات الأكثر عمقًا لجميع الجوانب واتخاذ القرار بشكل أكثر دقة وسرعة مع مخاطر أقل، وتعزيز عملك لفهم العملاء أكثر وبالتالي الانتقال من التركيز على المنتج إلى التركيز على العملاء.
لنرى الآن كيف يبدو إطار التحول الرقمي؟
دعنا نتفق على أن التحول الرقمي سيختلف استنادًا إلى مجال عملك وحجم مؤسستك والتحديات التي تواجهها والأهداف المحددة لها. وفي الوقت ذاته، هناك عوامل وجوانب مشتركة تستند إلى العديد من الدراسات والأطر المنشورة التي يجب مراعاتها عند التحول الرقمي:
🛑 تجربة العميل
🛑 سهولة تغيير طريقة إدارة العميات الداخلية
🛑 الثقافة المهيمنة والقيادة
🛑 مدى تضافر التكنولوجيا الرقمية
🛑 منطقة تواجد الأعمال
هناك العديد من أطر التحول الرقمي بما في ذلك العناصر التسعة للتحول الرقمي التي أطلقها ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) وغيرها من الأطر المحسنة التي تطرأ يوميًا معتمدة على مختلف الصناعات والأهداف والتحديات التي تواجهها.
ولكني، سأعرض إطار العمل للتحول الرقمي الأكثر عقلانية وسهولة عبر هذه الخطوات السبع البسيطة:
1️⃣ تحليل وتقييم الحالة الرقمية الحالية في عملك:
قبل أن تستثمر في منتجات جديدة، تحتاج إلى فهم كيفية أداء عمليات عملك الحالية. ما هي مجالات التحسين المحتملة؟ كيف تساهم التقنيات الرقمية في تحقيق هدف العمل؟ ببساطة ما هي حالة عملك الحالية؟
2️⃣ تحديد أهداف التحول الرقمي:
بعد أن علمت الموقف الحالي لعملك، تحتاج إلى فهم ما تريد تحقيقه بالضبط من خلال التحول الرقمي فلا تنتقل إلى التحول الرقمي لمجرد الانتقال بل يجب أن تتأكد من أن مبادرتك لها غرض وهدف محدد ويتبع خطة SMART الإدارية بحيث يمكن قياسه وتقييمه في فترة زمنية معينة.
يجب عليك تحديد ما يلي: احتياجات عملائك التي تهدف إلى تلبيتها، أو العمليات التي يمكن تبسيطها، أو النفقات التي يمكنك تقليلها، أو المنافسين الذين تريد التغلب عليهم.
3️⃣ تطوير خارطة طريق التحول الرقمي الخاص بك:
العنصر الأكثر أهمية في خارطة الطريق هو بناء استراتيجية التحول الرقمي حيث يجب أن تركز الاستراتيجية على احتياجات العملاء، وتحديد أولويات مجالات التحسين والتحرك خطوة بخطوة نحو تحقيق أهدافك حيث سيساعدك ذلك في الحفاظ على سير العملية وتقليل فرصة الفشل.
4️⃣ اختر التقنيات والوسائل المناسبة:
تحتاج في هذه المرحلة إلى التفكير في الوسائل التي يمكن أن تساعدك في تحقيق الأهداف التي تم تحديدها مسبقًا. على سبيل المثال اختارت 42% من المؤسسات الذكاء الاصطناعي على أنه أهم عناصر التحول الرقمي في حين اختارت 50% من الشركات تحليل البيانات على أنه العنصر الأهم.
كما أنه من الواضح تمامًا أن الحوسبة السحابية أمر لا بد منه للتحول الرقمي الناجح. ومع ذلك، إذا كنت تخطط للاستثمار في حلول إنترنت الأشياء (Internet of Things- IoT)، فقد تكون الحوسبة المتطورة خيارًا أفضل بكثير.
5️⃣ تأسيس قيادة واضحة:
إذا كان الحصول على الكوادر اللازمة في مؤسستك صعبًا، ففكر في الاستعانة بمستشار تكنولوجي أو مزود تكنولوجيا موثوق على أن يكون على دراية بأهداف عملك ويدعمها ويمكنه تلبية توقعاتك.
6️⃣ حدد ميزانية واضحة للتحول التكنولوجي:
إن تخصيص ميزانية واضحة للتحول الرقمي و ليست مقتطعة من ميزانية تكنولوجيا المعلومات (IT ) أحد أهم عناصر التحول الرقمي الناجح حيث يعتمد عدد المصادر التي ستعتمد عليها علي أهدافك الاستراتيجية.
7️⃣ العمل على تثقيف فريقك على التحول الرقمي:
عليك التأكد من مواكبة مؤسستك للتحول الرقمي حيث يمكن أن تذهب جميع جهود التحول الرقمي الخاصة بك عبثًا إذا رفض فريقك التكيف مع التغيير. التحول الرقمي عملية مستمرة لذلك يجب أن يبقى فريقك تحت إطار التعلم المستمر، ومع ظهور تقنيات جديدة وتطور توقعات العملاء، لا يمكنك أبدًا الانتهاء من عملية التحويل بنسبة 100٪.
أخيرًا، عند التحول إلى هذا الإطار الجديد، من المهم أن تضع في اعتبارك أننا نعيش في عالم مختلط لتكنولوجيا المعلومات. تحتاج المؤسسات إلى القيام برحلة إلى منصة المستقبل، مع دعم وصيانة منصات الأعمال والتطبيقات والبنى التحتية والعمليات الحالية. بينما قد يتم سحب بعض العناصر أو تحديثها، قد تحتاج عناصر أخرى إلى دمجها في الإطار الجديد. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تقود عملية التحول الرقمي سلسة من التحسينات الخاصة بتجربة العملاء وتحويل إدارة الأعمال الداخلية رقميًا، وبهذه الطريقة يمكن تحسين الأعمال للعملاء والموظفين في الوقت ذاته.
فيما يتعلق بإدارة التغيير، لا يتعين على مديري المعلومات وقادة الأعمال إعادة اختراع العجلة عن طريق إنشاء عمليات جديدة تمامًا لتنفيذ التحول الرقمي، بل يجب عليهم التفكير بشكل عملي يتوافق مع خطة SMART الإدارية حول كيفية دمج الماضي والحاضر والمستقبل.
بقلم الدكتور نور الدين رضا السروجي