مع نمو عالم الأعمال بشكل أكبر وأكثر تعقيدا من الناحية الرقمية، يمكن أن تصبح المطالب التنظيمية الداخلية شديدة الاعتماد على بعضها البعض ومتطلبة من الناحية التكنولوجية. بالإضافة إلى ذلك، يتوقع العملاء المرونة ومستوى جديدا من الخدمات والحلول الشخصية التي تتطلب جودة وكفاءة وتعاونا فائقين. لذلك يجب أن تواكب المنتجات والخدمات الابتكارات الرقمية التي تحدث داخل وخارج المنظمة، ويؤدي هذا إلى عقيدة صاغها بحرفية د.أحمد ابوالغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إذ قال إن أمامنا خيارين لا ثالث لهما «الابتكار أو الاندثار».
تعتبر التحولات الرقمية تقدما طبيعيا للأعمال التجارية، وهي أكثر ملاءمة لاحتياجات العالم المتصل رقميا. ومع ذلك، من المهم أن تضع في اعتبارك أن التحول الرقمي ليس تغييرا أو مشروعا منفردا، بل رحلة يجب أن تبدأ من القمة.
من أجل استيعاب التحول الرقمي، ربما يكون من الأسهل تعريف ما لا يعتبر تحولا رقميا. لا يقتصر التحول الرقمي على إحداث «تغيير» فقط. بينما يعتبر «التغيير» مطلوبا بالتأكيد لإصلاح أي مؤسسة، إلا أنه ليس كافيا للتأثير على تحول الموظف وقدرات المؤسسة أو إضافة قيم جديدة للعملاء. في السنوات الأخيرة، خاض عدد كبير جدا من المؤسسات في مشاريع «تحول رقمي» من خلال المبادرات الرقمية المنعزلة التي تهدف إلى إحداث تغيير، ومع ذلك، لم تكن هذه الرحلات مصممة بشكل كلي لتكون تحويلية استراتيجيا أو تشغيليا. وكانت النتائج متواضعة في أحسن الأحوال. علاوة على ذلك، لا يقتصر التحول الرقمي على تشغيل تقنيات رقمية جديدة عبر المؤسسة دون فهم كيف يمكن لهذه التقنيات أن تغير العمليات أو تجربة العميل. أخيرا، أثبتت عملية التحول الرقمي التفاعلية المعتمدة على نهج التكنولوجيا أولا فشلها في العديد من المؤسسات.
يجب أن يبدأ التحول ببرامج التوعية وبناء القدرات. ثانيا، يجب أن يتم إدماج العمل الجماعي التعاوني في ثقافة المنظمة. بالطبع، ثقة الموظف وتمكينه هي الأساس الذي يمكن أن ينجح العمل الجماعي عليه فقط. في النهاية، سيؤدي كل ذلك إلى تغيير ثقافي قادر على احتضان وتبني النموذج الجديد للعمليات والتقنيات الرقمية. وحينئذ فقط سيتم إنشاء قيمة جديدة.
في أغلب الأحيان، تواجه المنظمات التي تمر بالتحول الرقمي العديد من التحديات وأوجه عدم اليقين. ويمكن أن يكون كل منها فريدا من حيث تعقيده ومخاطره وشدته. للتخفيف من حدة هذه التحديات وتبسيط التجربة بشكل مثالي، يجب وضع نهج منظم. هذا ما يشار إليه في مجال الأعمال بإطار عمل للتحول الرقمي. مع مثل هذا الإطار، يتم تحديد مقياس الهدف. كما سيتمكن قادة الأعمال من مراقبة وتقييم وإعادة تصميم مكونات معينة لتسريع التبني بأقل قدر من المقاومة بالإضافة إلى زيادة الكفاءة. يشتمل إطار العمل أيضا عادة على مقاييس أخرى مثل مقياس نمو الأعمال، ومقياس المرونة، ومقياس المشاركة، وكلها مصممة لتوفير رؤية أكبر لعمليات تنفيذ التحول الرقمي مقابل الأهداف التنظيمية الأكبر.
من المنظور التكنولوجي البحت، من المهم أن تضع في اعتبارك أن رحلة التحول الرقمي يجب أن تبدأ بمرحلة «الرقمنة» أو «التمكين الرقمي». تدور هذه المرحلة حول «تكديس البيانات» الخاصة بالسلوك البشري عن طريق نقله من العالم التناظري إلى العالم الرقمي المكون من وحدات البت والبايت.
وبمجرد إنشاء البيانات الرقمية، يمكن بعد ذلك مشاركتها ومعالجتها عبر المؤسسة من خلال الأنظمة والحلول الرقمية. وتعرف هذه العملية باسم «الرقمنة». أخيرا، فإن التكامل الشامل للخدمات والقنوات المتعددة هو ما سيشكل الأساس التقني لرحلة التحول الرقمي.
«لا يمكننا أبدا التأكد من المستقبل، وبالتالي يجب أن نستمر في التحلي بالمرونة والقدرة على التكيف حتى نتمكن من الاستجابة بسرعة لاحتياجات عملائنا وسوقنا».
بقلم الدكتور طلال أبو غزالة