سئل جحا: أين أذنك اليسرى؟ فأشار إليها بيده اليمنى من فوق رأسه، بدل أن يكون ذلك بيده اليسرى القريبة، ويطلق هذا السؤال على من يسلك الطريق الطويلة والبعيدة في التماس شيء مَّا بدل أن يسلك أيسر الطرق وأقربها..
ذلك مَثَلُ كلية الآداب والعلوم الإنسانية عين الشق بالدار البيضاء، التي أعلنت اليوم للمترشحين الراغبين في ولوج أحد مسالك الماستر أو الإجازة المهنية برسم الموسم الجامعي 2022-2023، والذين تعذر عليهم تقديم ترشيحاتهم عبر المنصة الرقمية المخصصة لذلك، أنه يمكنهم إيداع ملفاتهم ورقيا، واستدركت بخصوص من يتيسر لهم الترشيح عبر هذه المنصة أنهم غير معنيين بهذا الإجراء الجديد.
ولعله اتُّخِذَ هذا الإجراء بعد أن راج أن هناك صعوبة تحول دون الولوج لتلك المنصة، وأن هناك شخصا يحتكر التسجيل الإلكتروني عبرها.
فبدل أن تجتهد الكلية في إصلاح عطب المنصة الرقمية، حتى يصبح الولوج إليها ميسورا ودون واسطة، ها هي تعود للإيداع الورقي لملفات الترشيح، وهو حلٌّ سهل بالنسبة إليها لكنه مكلف بالنسبة للمترشحين. فأي رسالة في هذا الإجراء؟ غير أنه لا ثقة في الرقمنة وأن إصلاح الأعطاب التقنية دونه خَرْطُ القَتَادِ، والمهم أن تَحُلَّ الكلية مشكلتها أما الطلبة فليذهبوا إلى الجحيم، جحيم الورقي بالنسخ والتنقل وإضاعة الوقت والانتظار في الطوابير الطويلة؟؟؟. فهل بهذا سننجح رهانات التحول الرقمي في بلادنا.
وقد ذكرتني هذه الواقعة بواقعة مشابهة حدثت في الجلسة الافتتاحيةللمناظرة الوطنية الأولى للجهوية المتقدمة المنعقدة بأكادير يومي 20 و21 دجنبر 2019، حيث كان رئيس جمعية جهات المغرب يتلو خطابه من شاشة رقمية، وفجأة تعطلت الشاشة فما كان من المنظمين إلا أن أغاثوه بالعرض ورقيا، فواصل عرضه وأنهاه، لكن رسالة “أَلَّا ثقة في الرقمنة، وأن الورقي لا يخذل صاحبه، هي التي ترسخت في النهاية”، وبدل أن تُتَّخَذَ كافة الإجراءات لتلافي الذي وقع وذلك ممكن ،كان الذي كان..