لقد أسْمَعْتَ لو ناديت حيا

يُصْدِرُ “مرصد الآراء العمومية الرقمية”( Observatoire des Opinions Publiques Numériques)، تقارير دورية يقارب من خلالها الظواهر الناشئة عبر الأنترنت، ويتتبع أشكال التعبير العام عن الرأي، ويعمل على توعية مستعملي الشبكة العنكبوتية بأهمية التحولات الجارية بما يسهم في تطوير ولوج المواطنين للمعلومات.

وقد صدر التقرير الأخير للمرصد والمنشور بتاريخ 26 يوليوز الأخير، وتناول البصمة الرقمية للفاعلين العموميين خلال الفترة: أبريل- يونيه 2022 على مستوى مجموعة وسائط التواصل الاجتماعي من مدونات ومنتديات وصحافة رقمية ومواقع إلكترونية، حيث سجل التراجع الملحوظ للحضور الرقمي للحكومة ككل بين الدورتين الأولى (يناير- مارس) والثانية( أبريل- يونيو) من السنة الجارية 2022، وقد بلغ هذا التراجع حسب التقرير أكثر من 10%، في حين سجل تراجع الحضور الرقمي الخاص برئيس الحكومة 15%، وبلغ التراجع الرقمي التراكمي لهذا الأخير بالقياس مع الدورة الأخيرة لسنة 2021 نسبة 41 % حسب ذات التقرير.

وفي الحقيقة، فإن العطب التواصلي للحكومة ولرئيسها، والتواصل الرقمي منه بالخصوص هو أحد العناوين البارزة للمرحلة، والذي يمكن معاينته بالعين المجردة وبدون كبير عناء. ولن نهدر الجهد والطاقة لاستدعاء المؤشرات على ذلك فهي أبرز من نار فوق علم، وهي حقيقة اعترف بها العديد من أصدقاء الحكومة وحوارييها ومريديها قبل المنصفين المحايدين والخصوم السياسيين، كما لن نهدر الجهد والطاقة للمقارنة مع السياسة التواصلية للحكومتين الأخيرتين لأن أي مقارنة من هذا القبيل ستكون مثل ما قال الشاعر:

ألم تر أن السيف ينقص قدره  ¨  إذا قيل إن السيف أمضى من العصا

لقد قامت القيامة ولم تقعد، بإطلاق حملة رقمية نادت بتخفيض أثمنة المحروقات وبرحيل رئيس الحكومة، وبلغت مدى غير مسبوق وما تزال في ازدياد، وتفاعل معها من تفاعل إلا الجهاز التنفيذي ومن يسير في ركابه بصم الآذان وكيل التهم و”التشيار” في كل الاتجاهات.

والحقيقة أن فاقد الشيء لا يعطيه، فلا ينتظر من هذه الحكومة أن تتفاعل مع المطالب الرقمية لمليوني مواطن كما تفعل الحكومات الجادة والمسؤولة في البلدان الديمقراطية التي تحترم شعوبها.

لو كانت هذه الحكومة جادة ومسؤولة لفعلت مثل ما فعلت سابقتها، حيث لم يتأخر قرارها لما ضجَّ الرأي العام من مسودة مشروع القانون رقم 22.20 المتعلق باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو المشروع الذي سمي بمشروع ” تكميم الأفواه”، فبادرت إلى سحبه ووضعت حدا للتقاطب الناشئ بسببه. لو كان لهذه الحكومة بقية من حياة لفعلت، لكن:

لقد أسمعت لو ناديت حيا      ¨    لكن لا حياة لمن تنادي

ولو أن نارا نفخت بها أضاءت  ¨   ولكن أنت تنفخ في رماد


شاهد أيضا
تعليقات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.