يحتفل العالم يومه الخميس 23 يونيه ب ” اليوم العالمي للخدمة العامة”، وهو اليوم الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها رقم 57/277 سنة 2003، بهدف ”الاحتفاء بالقيمة الأخلاقية والإنسانية المنوطة بالخدمة العامة للمجتمعات، وتسليط الضوء على إسهامات الخدمة العامة في عملية التنمية، والاعتراف بعمل العاملين في مجال الخدمة العامة”. ويهدف الاحتفال الخاص بهذه السنة إلى إبراز “دور المؤسسات العامة والموظفين العموميين في إعادة البناء بشكل أفضل والتعافي من جائحة كوفيد- 19″.
وقد دأب المغرب لسنوات متتالية على الاحتفاء بهذا اليوم العالمي، غير أن الغريب أن هذه السنة لا حِسَّ ولا خبر، وكأننا لا نتوفر على وزارة ل”الانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة” ولا على ” وكالة التنمية الرقمية”، وكان حريًّا بهاتين المؤسستين أن تطلقا نقاشا وطنيا، ليوم واحد لا أكثر، عبر لقاء أو ندوة وفي أقل الأحوال عبر تنظيم لقاء صحافي، لمساءلة الأداء والكسب، ومقاربة مدى تحقق الأهداف المؤطرة لهذا اليوم العالمي في سياقنا الوطني وهي كما سلف:
- البناء القيمي للقطاع العام في بلادنا؛
- استعراض حصيلة الإدارة العمومية ومدى إسهامها في عملية التنمية؛
- الاعتراف بالجهود الخيِّرة والمبدعة للموظفين والموظفات العموميين خدمة للمصلحة العامة؛
ولأن التحول الرقمي أضحى اليوم عنوانا لقطاعنا العام وورشا مركزيا له، بل إن القطاع العام مدعو أن يكون موضوعا وأداة في الآن ذاته لذلك التحول، فإن الحديث عن استحقاقات هذا اليوم العالمي لا يمكن أن ينأى عن الهواجس الرقمية، ولهذا الاعتبار فإن الاحتفال الوطني الذي تَخَلَّف هذه السنة كان بوسعه أن يتوقف عند القضايا الآتية:
- استعراض خلاصات إدارة القطاع العام لأزمة كوفيد التي بدأت قبل سنتين ونيف، وتقديم مدبري الشأن العام الرقمي لحصيلة تفعيل التوصيات الناتجة عن مختلف اللقاءات والاجتماعات، خصوصا ما تعلق بتوصيتين تضمنهما البحث العمومي لدى الموظفين الذي أنجز بتعاون بين وزارة الاقتصاد والمالية والبنك الدولي شهر دجنبر 2020، وهي:
- اعتماد وسائل تكنولوجية وتواصلية جديدة، ومرافقة تطور الأداء الرقمي للموظفين؛
- التخطيط لرقمنة مسلسلات الاشتغال الداخلي؛
- تسليط الضوء على حصيلة تنفيذ إجراءات البرنامج الحكومي المتعلقة بالإدارة العمومية وبصفة خاصة تلك الخاصة بالتحول الرقمي؛
- تقديم التوضيحات والأجوبة حول ما تضمنته تقارير المؤسسات الدستورية والهيئات الوطنية بشأن التحول الرقمي في القطاع العام، وماذا تحقق بصفة خاصة من معالجات للاختلالات التي رصدها تقرير المجلس الأعلى للحسابات لسنة 2017 حول “نظام الوظيفة العمومية” حيث أوصى فيه ب” العمل على تفادي التداخل والازدواجية بين المساطر التقليدية والرقمية ووضع آجال طموحة للانتقال إلى الرقمنة الشاملة”. وأكد أنه “في انتظار ذلك، فإن الخدمات الرقمية، التي بلغت مستوى معينا من النضج التقني، ينبغي أن تصبح هي القاعدة بدل أن تكون مساطر استثنائية كما هو الحال اليوم”.
- كان يمكن أيضا أن يشهد الاحتفال ب” اليوم العالمي للخدمة العامة”، إطلاق أوراشَ إصلاحية أو الإعلان عن مبادرات مَّا، أو تكريم مميَّزِين ومبدعين أفادوا القطاع العام، أو غيرها من الأفكار التي لن تعوز “حكومة الكفاءات”؛
- استثمار الاحتفال لاستطلاع آراء وانتظارات المشاركين من ورش التحول الرقمي، بما سيفيد وسيغني التدابير العمومية الجارية؛
إنها مجرد أفكار إن لم تنفع اليوم فقد تنفع غدا، وقديما قالت الحكمة الفرنسية’’ ما يزال في الوقت مُتَّسع للقيام بما هو أفضل /Il n’est jamais tard pour mieux faire’’