التعامل المالي الرقمي في المغرب في مرآة Merchant Machine

مقدمة

نشرت منصة البحث البريطانية Merchant Machine دراسة يوم 3 غشت الجاري، تناولت فيها وضعية التعامل المالي الرقمي في المغرب وباقي دول العالم خلال سنة 2022، مستعرضة التحولات التي وقعت بشأن هذا النوع من المعاملات منذ اندلاع أزمة كوفيد-19 قبل سنتين، حيث أسهمت في تراجع نظام الأداء المالي نقدا في مقابل التقدم الملحوظ للدفع المالي الرقمي عبر البطاقات البنكية والمحافظ الرقمية وغيرها.

وقد اعتمدت الدراسة على المؤشرات الخمس الآتية:

  • النسبة المئوية لمستخدمي الأنترنت؛
  • النسبة المئوية للأشخاص الذين لديهم بطاقة ائتمان؛
  • عدد الشبابيك البنكية لكل مئة ألف شخص؛
  • النسبة المئوية للأداءات نقدا؛
  • النسبة المئوية للسكان الذين ليس لديهم حسابات بنكية.

دول العالم في مرآة المعاملات المالية النقدية:

المزعج في هذه الدراسة حلول المغرب أولا في سلم الدول التي ما تزال تشهد انتشارا للتعامل المالي النقدي، حيث بلغت الأداءات النقدية برسم السنة الجارية 2022 نسبة 74%، وهذا “يتناغم” مع كون 71 % من السكان لا يملكون حسابات بنكية و0.2 % فقط لديهم بطاقات ائتمانية، لكن ذلك لا ينسجم مع كون 84 % من المغاربة مرتبطون بالأنترنت.

وحلت مصر في سلم الدركات السفلى بعد المغرب، بنسبة أداءات مالية نقدية بلغت 60 %، حيث لا يتجاوز السكان المالكون لحسابات مصرفية نسبة 67 %، و3 % منهم فقط من يملكون بطاقات بنكية.

وتتوزع الدول العشرون التي تقبع في أسفل الترتيب عالميا، على المناطق القارية الخمس، ب 6 دول بآسيا و5 بكل من أفريقيا وأوربا و4 بأمريكا.

في المقابل، وفي غياب مخل في هذه الدراسة للتصنيف العالمي للدول المتموقعة بشكل أفضل وفق مؤشر محدودية المعاملات المالية، فإن النرويج تتربع أوربيا في المرتبة الأولى برسم سنة 2022، حيث لا يتجاوز التعامل النقدي فيها نسبة 2 %، والجميل أن جميع سكانها( 100 %) يمتلكون حسابا بنكيا، و71 % منهم يتوفرون على بطاقات ائتمانية، وقد بلغ عدد السكان المرتبطين بشبكة الأنترنيت نسبة 97 %.

إشكالية التصنيف المغربي عالميا:

إن الترتيب المخجل للمغرب في هذه الدراسة، تؤكده تقارير أخرى، منها:

  • تقرير مجموعة البنك الدولي، الصادر سنة 2021 بعنوان ” إيجابيات التكنولوجيا الرقمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: كيف يمكن أن يؤدي اعتماد التكنولوجيا الرقمية إلى تسريع وتيرة النمو وإيجاد فرص الشغل‘، الذي كشف أنه بالنسبة لفئة المغاربة البالغين 15 عاما فأكثر، فإن نسبة استخدام خدمات الدفع الرقمي لم تتجاوز 17%، وأن نسبة استخدام الأنترنيت لشراء شيء ما عبر الأنترنيت بلغت بالكاد 6 %، وأن نسبة استخدام الخدمات البنكية عبر الأنترنيت هي فقط 1%؛
  • تقرير منظمة إنديفور(Endeavor)، وهي منظمة غير حكومية يوجد مقرها بنيويورك، الصادر يوم 2 يونيو الأخير بعنوان ”نقطة الانعطاف: الاقتصاد الرقمي لأفريقيا على وشك الإقلاع”(The Inflection Point: Africa’s digital economy is poised to take off)، حيث قدرت نسبة المغاربة الذين لديهم حسابات بنكية في 28% فقط، وأن المعاملات النقدية هي المهيمنة سنة 2020، حيث قدرت نسبتها من إجمالي المعاملات ب 98 %.
  • تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الصادر في أبريل 2021 بعنوان” نحو تحول رقمي مسؤول ومُدْمِج”، رأى أنه بالرغم من كون البطاقات البنكية تستعمل بنسبة تفوقُ% 89 في عمليات السَّحْب، إلا أن “الأداء عَبْر الهاتف المحمول ما يزال في مرحلةٍ جنينيّةٍ ولا يستفيد من معدّل انتشار الهواتف المحمولة المرتفع وأن “الأداء النقدي هو الوسيلة السائدة للمُعاملات المالية”، ودعا إلى “تسريع نشر آليّة الأداء بواسطة الهاتف المحمول، في تكاملٍ مع باقي وسائل الأداء الإلكترونية الأخرى على الصعيد الوطني، قصْدَ تدارُكِ التأخير المسجَّل في الشمول المالي، والتقليص من اللجوء إلى الأداء نقداً، وذلك من خلال وضْع حوافز ضريبية لفائدة التُّجار والفاعلين”؛

خاتمة:

فهل من سبيل لمعالجة وضعية التعامل المالي الرقمي في المغرب، المتواضعة جدا في سلم نظام المعاملات المالية الرقمية؟ الأكيد أن ذلك ممكن متى توفرت إرادة المدبرين العموميين وسلكوا السبل الصحيحة للتصحيحات الضرورية:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها  /-/-/-/    إن السفينة لا تجري على اليبس


شاهد أيضا
تعليقات
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.