يعرف التحول الرقمي بكونه ”التغير المرتبط بتطبيق التكنولوجيا الرقمية في جميع الجوانب الاجتماعية“.
وقد غَدَا التحول الرقمي أحد مظاهر التحولات الاستراتيجية التي يشهدها العالم المعاصر، وقد ارتبط في بعض الأذهان بجوانبه السلبية التي تصل إلى التهديد، وهي موجودةٌ يقينا، وترتب عن هذا التمثل عند هؤلاء المفاصلة الشعورية والعملية للمجال الرقمي والافتراضي وعدم الاستعداد للاستجابة الإيجابية للاستحقاقات الرقمية بأي شكل من الأشكال، وإن كان منهم من لا يستغني عن الهاتف الذكي وهو أحد أدوات رقمنة حياتنا الجديدة.
غير أنه لا ينبغي لتلك السلبيات رغم أهميتها وجديتها أن تحجب المنافع العديدة للرقمنة.
لقد استطاعت دولة إستونيا، وهي الثالثة عالميا في مؤشر الحكومة الإلكترونية( برسم سنة 2020) أن تنجح في رهان رقمنة كل الخدمات العمومية ولم يَشِذَّ عن ذلك سوى ثلاث وهي توثيق الزواج والطلاق وشراء أو بيع الممتلكات العقارية، وبذلك أسعدت هذه الدولة مواطنيها أيما إسعاد.
لذلك علينا أن نسأل: أليس من سبيل لتحقيق السعادة والرفاهية والعيش الرغيد للمواطنين والمواطنات بركوب مركب الرقمنة واستثمار إمكاناتها الهائلة إلى أقصى الحدود، ولو كلف ذلك ما كلف؟
- هل يمكن أن ننكر منافع التكنولوجيات المعاصرة في صناعة الحياة وتخفيف المعاناة؟
- هل يمكن أن ننكر فضل الرقمنة في تجويد خدمات الطب عن بعد، والتعليم عن بعد، والقضاء عن بعد، وتوجيه المساعدات الاجتماعية عن بعد، والخدمات الأمنية عن بعد، وتأسيس المقاولات عن بعد، وأداء الضرائب عن بعد، والتنقل عبر وسائل النقل العمومي والخاص ” عن بعد”؟؟؟؟؟
- هل يمكن أن ننكر أهمية الأداء المالي عبر بطاقات الشبابيك البنكية، وأفضل منه الأداء المالي الرقمي عن بعد؟
- هل يمكن أن ننكر فضل كوفيد- 19 علينا رغم قساوة تداعياتها، بتنبيهنا أن التواصل الاجتماعي عن بعد ممكن، وأن عقد الاجتماعات والأنشطة عن بعد ممكن، وأن أداء الفواتير عن بعد ممكن، وأن طلب الوجبات عن بعد ممكن، وأن التوصل بالرسائل عن بعد ممكن، وأن الاستغناء عن البريد المادي ممكن، ذلك الذي قد يصل وقد لا يصل والذي قد يكلف وقد لا يكلف وقد يتأخر وهو الغالب وقد لا يتأخر، وووو؟؟؟؟
- هل يمكن أن ننكر فضل الخدمات المرقمنة في تقليص هدر الوقت والمال والتنقل، إلى جانب الحد من الرشوة والتوترات النفسية؟
- هل يمكن أن ننكر دور الرقمنة في رفع الناتج الداخلي وتعزيز النمو؟
- هل يمكن أن ننكر دور الرقمنة في الصناعة الإعلامية والصحافية؟
- هل يمكن أن ننكر دور الرقمنة في الحروب، وما بالعهد بين حرب وروسيا وأوكرانيا من قِدَم؟
- هل هناك مجال من مجالات النشاط الإنساني لم يستفد من ثمار الرقمنة وتطوراتها المذهلة؟
- الجواب على كل ذلك: لا ثم لا ثم لا..
لكننا كدولة وكمجتمع لم نُحْسِنْ بَعْدُ وضع قطار التحول الرقمي على سكته الصحيحة.